بين عواد البندر ومحيي عذب ، العدالة العرجاء في قضية إعدام التجار



كتابات - أركان الشمري

بعد سقوط النظام السابق، على اثر احتلال امريكا للعراق، وتعيين حاكم امريكي للعراق كان هو الجنرال جاي غارنر في البداية الا انه سرعان ما اطيح به في اطار الصراع والتنافس بين البنتاغون والخارجية الامريكية على النفوذ، ثم جئ ببول بريمر حاكما مدنيا، والذي مارس دور السلطة التشريعية والتنفيذية في آن واحد، فهو كان يشرع القوانين وله سلطة الفيتو على اي قرار لمجلس الحكم المنحل!! وكان من ضمن القوانين التي شرعها بريمر هو قانون انشاء المحكمة الجنائية العليا بغرض محاكمة أركان النظام السابق عن مختلف التهم في الجرائم المرتكبة، وتم انتقاء 12 قضية من بين عشرات القضايا فكانت الاولى قضية الدجيل المعروفة التي تخص حزب الدعوة وهي القضية المعروفة بمحاولة اغتيال صدام حسين عند زيارته للدجيل 1981، ثم قضية الانفال وتخص اضطهاد الاكراد، ثم قضية ما سميت بانتفاضة شعبان 1991، وحتى لا تتهم المحكمة بانحيازها للشيعة والكرد باعتبار ان كل القضايا المحالة تخص الكرد والشيعة، فقد تم اختيار قضية اعدام التجار (ومعظمهم من السنة) والتي حصلت عام 1992 حين تم القبض على حوالي 50 تاجرا للمواد الغذائية من مختلف مناطق بغداد وبالاخص سوقي جميلة والشورجة، بتهمة احتكار المواد الغذائية والتلاعب بالاسعار، في ظل ظرف الحصار المفروض على العراق بقرارات مجلس الامن، وكانت تلك من ابشع انتهاكات القانون وحرمة القضاء التي ارتكبها النظام السابق. فقد تم القبض على التجار من قبل مفارز الامن الاقتصادي وتم اجراء محاكمة صورية لم تستغرق اكثر من ساعتين في المحكمة الخاصة لوزارة الداخلية ايام كان وطبان شقيق صدام وزيرا للداخلية، وكان هذا الشخص مثالا في الجهل والتخلف والفساد، فساد الضمير والاخلاق، وتم تنفيذ احكام الاعدام الصورية بنفس اليوم (لم يستغرق الوقت بين القبض على التجار وبين محاكمتهم واعدامهم اكثر من 12 ساعة!!) والامر البشع الآخر في الامر ان وطبان امر بتنفيذ احكام الاعدام في ساحة ميدان الرمي بكلية الشرطة المقابلة لمبنى وزارة الداخلية وليس في السجن المركزي كما تقتضي الاعراف القانونية. ولعل الامر الغريب ان المحكمة الجنائية العراقية ذاتها حكمت على عواد البندر رئيس ما تسمى بمحكمة الثورة لاصداره احكام اعدام المتهمين بقضية محاولة اغتيال صدام بالدجيل بعد 3 سنوات من الحادثة على اعتبار انها محاكمات صورية، في حين تغافلت عن محاكمة او احالة رئيس المحكمة الخاصة لوزارة الداخلية الذي اصدر احكام صورية باعدام خمسين تاجرا خلال ساعات من القبض عليهم تنفيذا لاوامر ورغبات وطبان، والقضية معلومة والدوافع طائفية 100% طبعا لأن رئيس المحكمة الخاصة لوزارة الداخلية حينها هو محيي جابر عذب وهو شيعي!! وتم شطب اسمه ابتداء بايعاز من قوى متنفذة في الحكم فقد تم اعتباره مجبرا على اصدار هذه الاحكام رغما عن ارادته!!! وهذا منتهى التحيز والعدالة الانتقائية العرجاء!!

يبدو ان المحكمة انتهت من جلساتها قي محاكمة المتهمين بقضية اعدام التجار، ولا ادري لم تم الزج باسم طارق عزيز في الموضوع رغم انه لاصلة له البتة بالامر، لانه كما هو معروف لا علاقة لطارق عزيز بالشان الداخلي فقد كان مسؤولا عن السياسة الخارجية فقط، وستنطق المحكمة بالحكم في القضية خلال الايام القادمة، ومهما يكن الحكم فان هذه القضية تبقى مثالا على التحيز والعدالة العرجاء في قضاء المحكمة الجنائية العليا التي اتصفت احكامها بالنزعة السياسية الانتقامية والثارية اكثر مما كانت قضائية..

About This Blog

About This Blog

  © Blogger template 'Sunshine' by Ourblogtemplates.com | Distributed by Deluxe Templates 2008

Back to TOP