أباطرة وحرافيـش !








كتابات - مشتاق طالب عيسى


عجيب أمرك أيها الوطن !

فها أنت تغفو منذ الازل على ضفاف النفط والذهب ، بينما لا زال ابنائك الحفاة –هل قدّر لك أن تكون أباً للحفاة؟-يفترشون آلامهم أرضاً وأحلامهم ملاذاً ويتخذون من عواصم الذلّ أماناً من سطوة الجبارين ،أولئك الذين ما فتئوا يتأمرون عليك ، طالحٌ بعد طالح ، ومجنون بعد مجنون....

عجيب أمرك أيتها الأرض ، يا من اتخذتك القداسة ملتحفاً ، ونور الله مشكاةً ،فيما طمعت فيك أقدام الغزاة وصعاليكهم منذ بدء الخليقة ، فكان الدم المزمن ، وكانت الرؤوس المُشالات .....

واعجباً ، يفتديك بنوك بالمال والنفس ، فتلفظينهم ، ويلعنك الجاحدون ، يسرقونك جهاراً نهاراً ،ويغتصبون الضوء في عينيك أمام اعين المطبلين ، والساكتين ، والرعاع ، فيسلس سَوقك ،

وتهمد ثورتك ، حتى إذا قيّض لك شعاع من أمل يحمله أحد الطيبين برّاً بك ، ومرضاة للأعلى القدير ، وتأسياً بالصالحين ، أطلت النزعة الأولى برأسها ، وحام حوله-وحولك- شياطين الأنس وأباطرة (الأنـا) وشذاذ الآفاق وصعاليك العصر ، وطفقوا يسومون بنيك العذاب ، يذبحون أبنائك ويستحيون نساءك ،ويهلكون الحرث والنسل ،طمعاً في ملك يبقى ، وجاهٍ لا يفنى ، وأنـّى لهم ذلك ؟؟!!!

ولقد بات من شبه المسلمات لدي ، أن كرسيك هو اللعنـة !

وأن ماجرى عليك –وعلينا- إن هو إلا إحقاق لأسباب أبى الخالق أن يجريها ...أكباداً مقطعة تارة ، وتيجان بعهر السياسة مطلية تارة أخرى ،كيما لا يقول قائل في (يومك الاكبر) أن لو ملكنا لعدلنا !!

فسبحان من أبى إلا تكراراً لحلقات الدهر الاولى ، أمويٌّ يستقوي ويذيق (أمان اهل الأرض) حرّ السيف وعذاب الدنيّة ، وعباسيٌّ في الأثر ، يدعي وصلاً بـ(حبل الله) وثأراً للصالحين ، حتى إذا قويت شوكته ، وهامت أحلامه ، وأرضى عنه سلاطين السوء –زاعماً رضا السماء عنه – طفق يسقي تلك صعيد القداسة دماً عبيطا ، ودموعاً حرّى ، فويحٌ للظالمين ، وتعساً للراضين....

أنت يا وطني سرّ أزليٌّ ، وإكسير مقدس ، سيفنى الجلادون وتبقى..................

هناك ، في أعالي الجبال ، حيث ينتشر (جنود العسل) من كل حدب وصوب ، وحيث جحد من جحد نعماؤك ، بات الشره مطمعاً ، واللعب بالكلمات مغنما ، هناك حيث الشعار أن الوطن بغيٌّ غبيّ ، والأذكى من فاز باللذات قبل الفوات !

يــــــــــــا أيها الذين (اتخذوا من الجبال بيوتا ) رويدكم ومهلكم على وطن طالما كان لكم في السراء والضراء أمناً وأمانا ... هي بغدادنا وبغدادكم ، نجفنا ونجفكم ، بصرتنا وبصرتكم ، فلماذا تكون أربيلكم وحدكم ؟؟!!!!!!!

وهل لفاكهة (دهوك) و(العمادية) طعم دون أن يغزوكم (المعدان) و(الشروكية) صيفاً فتردون الغزو شتاءا ؟

أو نكون دولة بين الأدعياء من الساسة ....نفطنا وجبالكم ، نخيلنا وينابيعكم ، (أقاليمنا) واقليمكم !

أما في أقاصي الوطن ، حيث الموت (الأبيض والأحمر) ، وحيث الفقر المؤبد ، يقبع فتية آمنوا بأحزابهم ، و(مجالسهم) و(عقاراتهم) فازدادوا غناً وبطرا ، حتى قال قائلهم أن لنا لغنيمة أن كنا عن المناصب راحلون ، وللجاه مفارقون ، فدبروها (بليل) أن قسموا ما فاض من أموال الفقراء (100 مليون) أو يزيدون بينهم !

مضحك أنت يا وطني ، أن أصبح فيك (الخارجيُّ) أميناً مؤتمنا ، وحماة الدين (خارجين...).

مضحك أنت يا وطني ، حينما يحاكم جلادٌ جلادا ، وأنت المجني عليه في الصَوْلتين !

عجيب أمرك أيها الوطن ، ترانيم غافية توسدت ذراع القهر وهي تصرخ ...(أين حقي ؟)

(ثورك) الأبيض لم يزل ، يقطع أشلاءاً كل اليوم ، و(الأسود) لا زال ساكناً هادئاً إن نطق الحجر فلا يتكلم ..........

في يوم ما ، سأرحل عنك ، سأقتل ذكرياتك ، سأنسى عطر ترابك ...

سأهجرك ، سأنسي أطفالي ملامح المدن القديمة..

سأمسح على أعين الأجيال كي ترى وطناً آخر ،

ولكني ، سأفرُّ منك إاليـــــــكْ...

Mushtaq_t_e@yahoo.com

االعـراق المحتل

About This Blog

About This Blog

  © Blogger template 'Sunshine' by Ourblogtemplates.com | Distributed by Deluxe Templates 2008

Back to TOP