هل سنصوت لهم مرة اخرى؟!





كتابات - علي الكلاواي

حدثني ..

يعاني ابني الرضيع احيانا من ضيق تنفس صاحبه منذ الولادة مما يستلزم ان نزور مستشفى العلوية للأطفال كلما شعرنا انه بدأ يعاني من ضيق التنفس ليقوموا باللازم لتوفر الاجهزة اللازمة فيها ... علما انني اشتريت مستلزمات الانعاش تحسبا للطوارىء وتعلمت وزوجتي بعض المبادىء في هذا المجال ولكن تبقى المستشفى حيث الدكاترة المختصون هو المكان الطبيعي والافضل لحالة ابني حيث العناية والدراية في العلاج .. ولكن في ذلك اليوم اتصلت زوجتي بي حيث اعمل وهي تبكي لتخبرني ان الطفل متضايق ولا يشعر بالراحة حتى بأستخدام وسائل الانعاش من اوكسجين وغيرها وتطلب مني القدوم بسرعة .. اسرعت بالعودة الى البيت ولم انتظر السؤال عنه او رؤيته أذ وضعت الطفل مع امه في السيارة وانطلقت مسرعا صوب مستشفى العلوية للأطفال .. هي حالة عادية ستزول بعد اجراء اللازم من قبل كادر المستشفى كنت اسرق النظر اليه وهو يحاول جاهدا سحب النفس الى رئته الصغيرة داخل صدره الصغير .. كم كان يعاني عند التنفس ؟! وفي الطريق وقبل الساحة الدائرية للجسر ذي الطابقين .. نزل جنود الحماية الى نهر الطريق ليقطعوه وفعلو الشيء ذاته من الجهة المقابلة .. مسؤول ما سيمر من الطريق قادما من الجسر المعلق .. ياربي اهو الوقت المناسب لمرور ذلك المسؤول .. لم تكن دقيقة كما أشار الي الجندي وأنا اشير ألى حالة ابني المرضية .. ولا حتى دقائق بدأت اتصبب العرق وانا انظر الى ابني في حجر امه الباكية وهي تقول ( اطلع بسرعة .. ) وكان الدموع قد أغشت عينيها الى الحد الذي لا ترى فيه اننا متوقفون انتظارا لمرور المسؤول .. فكرت ان اخذ الطفل وأركض به مكملا مشواري الى الجانب الاخر لأستقل سيارة اجرة ..ولكن يا لغبائي الا ارى انهم قطعوا الطريق كله حيث لا سيارات تمر .. فكرت ان اتوسل بالحماية لكي يسمحوا لي أن امر انا لظرفي الاستثنائي .. ولكني على بعد عشر سيارات تقريبا عن اول سيارة متوقفة سيبدو الامر ضربا من المستحيل .. اخذ لطفل يصدر حشرجة غريبة .. اخذت الام تلطم .. استرعينا انتباه ركاب السيارات المتوقفة الى جانبنا .. تسألوا عن السبب وابدى البعض تعاطفه واخذ البعض الاخر يسب الحكومة والمسؤولين .. ولكن لا التعاطف ينفع ولا السباب سيشفي طفلي الذي بدأ لونه يتغير الى الزرقة .. مرت سيارة لاندكروز مضللة وتبعتها اخرى قلت في نفسي جاء الفرج ولكن تلك السيارات كانت كما يبدو سيارات استطلاع للطريق !!! فلم يمر الموكب الا بعدها بقليل من الوقت .. سيارات مسرعة مضللة تبرز من بعض نوافذها شتى انواع الاسلحة الخفيفة والمتوسطة .. وبعد ان أنتهى الموكب سمح لنا بالمرور لآنطلاق غير آبه بأي نوع من أنواع اشارات المرور او اخلاقيات الطريق .. لم اكن ارى سوى المستشفى في الافق وأبني الذي استحال لونه الى الزرقة من الاختناق .. وصلت الى المستشفى ولم اتذكر كيف رصفت السيارة في الشارع الذي لم يسرع العمل فيه فأمتلاء مطبات وحفر .. وصلت على الرمق الاخير للطفل حيث اسرع الكادر على اسعافه وأنقاذه ..

توقف قليلا .. وكأنه يستعيد شريط الذكريات ذاك ويتذكر ان كان فاته شيء .. ثم اردف يقول بأنفعال واضح ..

( صدقني .. ما أن خرجت من المستشفى حاملا أبني بين يدي حتى بدأت ابصق على صور المسؤولين الذين تصدف صورهم معلقة في طريق عودتي .. لا يعلم المسؤولون في الدولة ان براز ابني ( يسواهم ) .. )

انهى حديثه ,, وتعاطفت معه .. كما تعاطفت حين قرأت قبل ايام مقال عن الضحايا الذين سقطوا برصاص افراد حماية المسوؤلين ..!! وكأن الامر هو كالاتي : لحماية المسؤول لابأس من قتل بعض العراقيين !! .. العراقيون الذين من اجلهم جاء المسؤول .. بل بأصواتهم صار مسؤولا وله حماية و( هيلمان ) وموكب كموكب السلاطين في قصص الف ليلة وليلة لابد ان يتوقف الرعية .. جميع الرعية بل ويركعون لكي لا ينظروا اليه .. لا بد من أظهار الهيبة والوقار .. لابد من قرابين لذلك .. وليس افضل من المستضعفين قرابين لوقار المسؤول وهيبته و(هيلمانه ).. قرابين تتيح للمسؤول السرقة وتبديد المال العام على اولي القربى دون المساكين المستضعفين الذين لا يتعدى دورهم الكومبارس في المشهد الديمقراطي العراقي الجديد .. المستضعف من الشعب في نظر مسؤولي الدولة الحديثة له دور كذلك الدور الذي كان له في عهد الطاغية .. ليس بأكثر من مستضعف مسلوب الارادة .. !! يمارس عليه المسؤول دوره التسلطي ..

قد يذهب البعض الى الظن باشخاص بعينهم واحزاب بعينها لان مكان الحادث هو الكرادة .. ولكن هذا قد يحدث في الاعظمية وحي الجامعة والجهاد .. قد يحدث ليس فقط عند مرور المسؤول بل ومرور قوات الاحتلال ( الصديقة ) وكبار مقاوليها وموظفيها .. بل قد يحدث في اي مكان وزمان مادام الامرمتروك على عواهنه دون تنظيم وترتيب .. ومادام افراد الحمايات هم مجرد اقرباء المسؤول غير محترفين ولا منظمين او مدربين على القيام بأعمال الحماية والمواكبة ..

لقد بلغ السيل الزبى منهم كما يقال وأن لنا ان نبين لهم انهم بنا وصلوا وأن اصواتنا هي رقم صعب في تراكبية الانتخابات الديمقراطية .. فهل سنصوت لهم مرة اخرى ؟!

abuali_ali@hotmail.com

About This Blog

About This Blog

  © Blogger template 'Sunshine' by Ourblogtemplates.com | Distributed by Deluxe Templates 2008

Back to TOP