الانسحاب الاميركي المسؤول من العراق : استبدال بسطال باخر ..؟


كتابات - ميادة العسكري

نعم ..سيحاول الرئيس الامريكي الجديد باراك اوباما ان يغير كل سمات المرحلة التي سبقته في عهد الجمهوريين، وخصوصا فيما يخص العراق..
قبل فترة، تلقيت رسالة من شخص مشاغب، يستخدم بطبيعة الحال اسم مستعار .. كتب قائلا، انتظري نيسان او ربما اذار قبله وسترين حزب البعث يعود الى قواعده في العراق العظيم مرة اخرى، عندها ساكون اول من يكتب لكِ مهنئا، وعندها ايضا سترين جرذان حكومتكِ العميلة وهم يتراكضون عائدين الى بلدان جوازات سفرهم غير العراقية ..
ليس من المناسب ان اكتب (هههههههه) في مقالة ، فنحن لا نكتب رسالة اي ميل ونعبر فيها عن مشاعرنا باحرف نكررها لنبين باننا نضحك او نبتسم ، ولكني اعجب من اي "بني ادم" يتصور ولو مجرد تصور بان حزب البعث بصيغته الماضية يمكن ان يعود الى السلطة في العراق مرة اخرى.. فهل يمكن مثلا ان نتخيل عودة عزة الدوري ليحل مكان صدام؟
هل يمكن لاحدنا ان يتخيل صوره والقابه من القائد الضرورة الجديد، الى محرر العراق من الامريكان مثلا؟؟
ما الذي يدفع بالبعض الى تخيل سيناريو "كابوسي" بهذا الشكل ..؟
لننظر الى المعطيات على الارض ..
1- تقول التقارير الصحفية : يعتزم الرئيس الأميركي الجديد باراك اوباما إجراء مباحثات مع عدد من قادة العراق عبر دائرة تلفزيونية مغلقة أو عن طريق الهاتف في وقت لاحق لبحث خططه لسحب القوات الأميركية من العراق وآلية التعاون المستقبلية بين بغداد وواشنطن. وذكر تقرير في احدى الصحف العراقية الرئيسية ان ''بغداد تسلمت إشارة بقرب إجراء هذه المحادثات وان اتفاقية سحب القوات الأميركية ستكون في مقدمة ما سيتم تدارسه''. وجاء في التقرير ايضا ''إن اوباما سيؤكد لرئيس الجمهورية جلال الطالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي أن إدارته ملتزمة بدعم الجهود السياسية والديمقراطية العراقية وان هذه النقاشات قد تجرى في دائرة تلفزيونية مغلقة أو عن طريق الهاتف''.وأوضحت الصحيفة ''أن القادة السياسيين لا يتوقعون تغييرات جذرية تقوم بها إدارة اوباما بشأن التعامل مع العراق إلا أنهم سيؤكدون له تواصل مساعيهم للاعتماد على القدرات المحلية في جميع المجالات لاسيما الأمنية في أقرب وقت ممكن وبحسب اتفاقيتي الانسحاب والاستراتيجية''
ولكن ..
2- هناك إحتمال تحقق إنسحاب سريع ومفاجىء للقوات الأميركية في العراق وبما سيخلق حالة من الفراغ لن تستطيع المؤسسة العسكرية و الأمنية الحالية في العراق سده أبدا، فمن الذي سيسد مسد الاميركان؟ البعثيين مثلا؟ اكيد لا.. اذن من؟
في حال حصول هذا الانسحاب المترقب على ضوء السرعة التي يسير فيها الرئيس الاميركي الحالي في اتخاذ القرارات، نستطيع ان نخمن من النفوذ الايراني الموجود في العراق حاليا بان الايرانيين هم الذين سيكونون من سيسد مسد من سيرحل من الاميركان..
البعض يذهب خطوة ابعد ويقول – وربما في وجهة نظرهم الكثير من الصحة – بان هناك اتفاق ضمني بين الادارة الاميركية الحالية والايرانيين، اذ ان العلاقات الطيبة التي تربط جوزيف بايدن ، نائب الرئيس الاميركي الحالي، بالايرانيين ليست بسر ..
3- بعض الساسة في العراق يستبعدون ان يلجا باراك اوباما الى سحب مفاجيء للقوات الامريكية من العراق، واسنادهم في ذلك الى أن اوباما كان واضحا في طرحة عندما قال سنسلم العراق للعراقيين بشكل مسؤول ما معناها باللغة الدبلوماسية التنسيق الكامل بين الحكومتين وهذا ما ورد في نص الاتفاقية الامنية مع امريكا. وهؤلاء الساسة يعتقدون ان الانسحاب المفاجئ ليس في أجندات الإدارة الجديدة وان الانسحاب المسؤول معناه الانسحاب المبرمج المخطط له مع الحكومة العراقية.
ولكن، روبرت غيتس، وزير الدفاع الامريكي الذي استمر في منصبه من الادارة الجمهورية السابقة قال ان خطة الرئيس باراك اوباما لسحب القوات الأميركية المقاتلة من العراق في 16 شهراً من بين الخيارات التي تدرسها وزارة الدفاع الاميركية، وقال غيتس في واشنطن انه يجري دراسة بدائل مختلفة في الأيام الأولى للإدارة الجديدة وان تعهد اوباما خلال الحملة الانتخابية بسحب القوات خلال 16 شهراً من بين الخيارات التي تخضع للدراسة وليس الخيار الوحيد المطروح.
اي ان هناك خيارات اخرى قد نتفاجا بها غدا .. تسحب البساط من تحت اقدام لم تكن تتوقع هكذا عجالة، وخصوصا وان جاهزية الدفاع والداخلية ليست كاملة لا من حيث العدة ولا من حيث التدريب...
4- قال عبد القادر جاسم، وزير الدفاع العراقي الاسبوع الماضي ان الجيش العراقي "جاهز لأسوأ الاحتمالات" (شلون؟ محد يدري!! رغم اني استمعت الى جهات ذات علاقة بوحدات عسكرية عراقية ذكرت بان الجيش في حالة تقدم ملموس من ناحية الضبط والربط، وبصورة اشد التزاما من حالة الجيش في زمن الحرب العراقية الايرانية، وذكروا امر ايجابي اخر هو عدم تخوف امري الجيش من الجنود وتوجهاتهم وانتماءاتهم السياسية، اما التحدث بالامور الطائفية والانتماءات فممنوع ويعاقب مثير هذه الامور بالسجن، الا ان كل هذه الامور جاءت تاخرة، واعتقد ان زمام الامور سيفلت تماما من اي سيطرة ممكنة في حال انسحاب الاميركان، هكذا، فجاة...)
**
يمر شريط الانسحاب الاميركي "المسؤول" من فيتنام امامي في منتصف سبعينات القرن الماضي، وانا اقرا كل التقارير والمس "الخوف" من تداعيات هكذا انسحاب من العراق ..
ما هي التداعيات العراقية المحتملة؟
* لو حصل أي إنسحاب اميركي مفاجيء فإن النتيجة ستكون كارثية، فلا الحكومة العراقية ولا قواتها الأمنية والعسكرية جاهزة لهكذا انسحاب ..
* ستنشط خلايا القاعدة النائمة وستعود الاحزمة الناسفة وغيرها من اساليب القاعدة العراقية ..
* ستنشط ايضا التنظيمات التي تاسست بعد سقوط حزب البعث، وتتكتل وتعود الى تحالفاتها المرحلية مع القاعدة لزعزعة حالة الامن "الهش" في العراق اليوم ..
* ستعود التناحرات الطائفية وربما سيكون العراق في مرحلة ما بعد هكذا انسحاب على شفير حرب اهلية حقيقية ..
* سيقوم الاكراد من منطلق حماية اقليمهم بمزيد من التقوقع وربما سيدفعون اتجاه انفصال حقيقي فلا احد يريد ان يكون في اتون صراع كالذي يمكن ان يندلع في العراق في حال انسحاب سريع مهما وصفه اوباما بالمسؤول ..
المصيبة الكبرى في تقديري هي ان جميع الاطراف في هكذا حالة سيطالبون الجارة ايران بالتدخل .. عندها سنرى ما لا عين رات ولا اذن سمعت ومالها غير رب العالمين ..

والسؤال الاخير هنا هو: هل هناك امل في بقاء القوات الاميركية في العراق لفترة اطول لمنع هكذا تداعيات؟
هذا ما سنفهمه بعد الحديث الذي سيتم ما بين اوباما والرئاسة العراقية ..
ولكن ماذا تقول لنا المعطيات على ارض الواقع؟
قرات مقالة للسيد وليد الزبيدي، حملت عنوان "الانسحاب السريع" اورد فيه بعض النقاط التي لا يمكن اغفالها عند مراقبة الوضع في العراق اليوم حيث سرد بصورة منظمة كيف تحولت حالة الانتشاء بالنصر الاميركي لدى الاميركان في العراق عام 2003 الى كابوس عراقي مستمر اسوا من اسوا كوابيسهم في فيتنام .. واختتم مقالته بقوله ..
(أما الصورة النهائية، التي طفرت إلى الواجهة بعد تولي باراك اوباما المسؤولية في البيت الأبيض، فكانت تبحث في قضية وجود هذه القوات في العراق، ومن المعروف انها تصدرت تصريحات وخطب اوباما اثناء حملته الانتخابية، وتعهد حين ذاك بسحب قواتهم من العراق ووضع حد لمرحلة من اسوأ واخطر الحقب في تاريخ الولايات المتحدة، حيث تعيش القوات الأميركية في وحل الهزيمة والمستنقع العراقي.
وبينما يحاول البعض إضفاء حالة الاختيار في سحب قوات الاحتلال الأميركية من العراق، فإن واقع الحال يتحدث عن الكثير من التفاصيل والحقائق، التي تؤكد ان الإرغام على سحب هذه القوات هو الحاصل على ارض الواقع.)

كلنا نريد العراق من دون البسطال الاميركي، ولكني لا اعتقد بان استبدال بسطال ، ببسطال اخر هو الحل ابدا ...
**
ومسك الختام من احمد مطر
ماذا يفيد إذا استقلت أرضنا واحتُلّتِ الأرواح والأبدان
ستعود أوطاني إلى أوطانها إن عاد إنسانًا بها الإنسان

mayadaaskari@gmail.com

About This Blog

About This Blog

  © Blogger template 'Sunshine' by Ourblogtemplates.com | Distributed by Deluxe Templates 2008

Back to TOP