مرجعية السستاني حصن لمن؟!

كتابات - د.موسى الانصاري

على الرغم من ادعاء مرجعية السيستاني أنها تقف من كل قوائم (اللعبة) الانتخابية على مسافة واحدة ، حيث أنها رضيت لنفسها أن تلعب دور المحفز للناس على دخول ميدان (اللعبة) الانتخابية ، ولاشك في أن تلك المرجعية تحوّل عملها من ميدان التمهيد لظهور الإمام المهدي(ص) إلى ميدان العمل فيه مؤسس على طمس العقيدة المهدوية ، ودرس أي أثر لها في النفوس ، ولذلك نلحظ أن تلك المرجعية تقف بوجه كل من يحاول إلفات نظر الناس أن ما تفعله المرجعية اليوم هو مؤامرة خطيرة على الناس وإعداد العدة لتحشيد الناس لمحاربة الإمام المهدي(ص) وكل من يدعو له أو يثقف لحاكميته الإلهية ، وقضيته العالمية ، وقد أعدت تلك المرجعية نهجا لمحاربة الإمام المهدي(ص) على مستويي التثقيف والتحشيد ، فجعلت لمستوى التثقيف ما دعته بـ(مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي) ، وهي تحاول بكل ما تستطيع من خلال هذا المركز بناء السدود الفكرية والحواجز النفسية بين الإمام والقواعد الشعبية المناصرة له ، وذلك من خلال جوقة من الأقلام المأجورة التي عدت على تراث آل محمد(ص) تهمشه وتقوله ، وتحرفه عن مواضعه لتجعل قضية الإمام المهدي(ص) قضية غائمة في قلوب الناس ، مفاتيحها بيد تلك المرجعية المستفيدة تماما من غيبة الإمام(ص) والعمل على تأجيل ظهوره المقدس ، على الرغم من علمها أنها لا سلطان لها على وقت ظهوره وكيفيته ، ولكنها أمسكت بالطرف الآخر وهو توفر النصرة له من الناس وراحت تعبث بكل ما من شأنه أن يجعلهم في مدرسة الإعداد والتهيؤ لاستقبال الإمام(ص) ، ويأملون من وراء ذلك ؛ أنه إذا ظهر لا يجد له أنصاراً ، بل وأعدوا له قائمة اتهامات من مثل ؛ تهمة الإرهاب ، والخروج على القانون ، وفلول النظام السابق ، وما إلى ذلك من الاتهامات التي إن لم تصرف كل الناس عن نصرة الإمام(ص) ، فلا بأس أن يفلحوا بصرف الجزء الأعظم منهم عن النصرة توهما منهم أنهم بذلك ربما نجحوا في تكرار مأساة طف كربلاء ، وكسب الرهان!!!
وكان المحور الثاني الذي جهدت مرجعية السيستاني نفسها العمل عليه هو الاصطفاف مع الطاغوت مستفيدة من إمكانات القوة المادية التي تتوفر لديه عدة وعددا ، وتحاول الإفادة من احتلاله للبلد وتطويل فترة بقائه من خلال إعداد جردة جساب تستلزم بقاء المحتل الغاصب لأطول فترة حتى يتمكنوا من إعداد ما يمكنهم من مواجهة الإمام(ص) ودعوته ، ولاشك في أن النهج الذي اتبعته حوزة السيستاني لمواجهة قضية الإمام(ص) أوقعها في خطأ استراتيجي قاتل لا تستطيع اليوم إصلاحه أو تعديله ، وليس لدى تلك المرجعية من سبيل لمحاربة قضية الإمام(ص) غير السبيل الذي اختطه هي بنفسها ، ولأنها تجاهلت روايات آل محمد(ص) وما ذكرته عن مرحلة الظهور وما فيها وما يرافقها ، وراحت تراهن على استجهال الناس واستغفالهم وجعلهم يقفون في الصف الذي يواجهون به الإمام(ص) كما وقف أسلافهم في طف كربلاء ، ومراهنتها اليوم أن الناس على الرغم من معرفتها بالإمام الحسين(ص) وأهل بيته الكرام انحازت لمنطق الطاغوت وعملت على وفق مراده ، وحاولت مرجعية الزمن الماضي تزييف ميراث رسول الله(ص) عندما روجوا بين الناس (أن الحسين قتل بسيف جده) ، أما مرجعية اليوم فهي ترى أن فرصتها في قتال الإمام(ص) أكبر وسبل خداعها للناس أعظم ذاك أن الناس لا معرفة لها بالإمام(ص) ، ولا معرفة لها بما حوت بطون الكتب من بيان لأمره وقضيته ، فضلا على أن تلك المرجعية عملت بنشاط منقطع النظير على تزييف وعي الناس الديني وربط مصيرهم بمصير علمائهم فشاع بين الناس في مهمات الأمور مقالة (ذبها براس عالم واطلع منها سالم) وعمل الناس على تلك المقالة وكأنها نص مقدس ، واستمراء الناس لتلك المقالة لأن سوادهم الأعظم يميل إلى الدعة ويستصعب التكاليف الإلهية ، ومن تلك التكاليف بل أهمها تكليف ؛ معرفة الإمام(ص) الذي قلده الناس رقبة المرجعية ، وفرحت المرجعية بمثل هذا التقليد لأنها توهمت أن على الإمام(ص) كي يحصل على النصرة لابد أن يأتي عن طريقها ، بل ووطنوا وعي الناس على هذا الوهم حتى وصل بخطباء المنابر أن يشيعوا هذا الفهم بين الناس ، وقد سمعت من أحدهم أنه قال من منبر الحسين(ص) وعلى مرأى ومسمع من الناس من حضر ومن يسمع عبر مكبرات الصوت ؛ (إنه لو جاءني الإمام(ص) وقال لي أنا الإمام ، أقول له مولاي ؛ إسمح لي أن أسأل (السيد) السيستاني ، فإذا قال لي أنت الإمام أصدقك!!!) ، وبهذا نجح السيستاني في أن يجعل قضية الإمام(ص) ـ كما توهم هو وزبانيته ـ حبيسة جبته وصمته الشيطاني!!!
لقد أخطأ السيستاني ومرجعيته في توهم أن النصر موقوف على عدد الناس وعدتهم ، وقد أغراه ما يراه من كثرة خفق النعل خلفه بأنه قادر على أن يحبس النصر عن آل محمد(ص) وقائمهم(ع) ، وهذا التوهم الذي وقعت مرجعية السيستاني فريسته يكشف عن بعد تلك المرجعية عن القرآن ، بل أنها لا تقرؤه إلا بأهوائها ، فالحق سبحانه يقول{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ}(الأنفال/60) ، فالحق يجعل النصرة معقودة بالإعداد على وفق الاستطاعة ، وليس على وفق كثرة العدد والعدة ، وهذا ما انكشف عند ظهور وصي ورسول الإمام المهدي(ص) حيث أتى مرجعية السيستاني من حيث لا تحتسب ، فكشرت تلك المرجعية عن أنيابها في محاربة قضية الإمام(ص) ، وبرزت الحرب على السطح بعد أن كانت تتم بالخفاء ، حيث دفع ثمن خفيتها علماء عاملين حاولوا بيان انحراف تلك المرجعية وعملها على وفق ما يحقق مصالحها باسم الدين أما الدين وقضيته فهو آخر ما تفكر به مرجعية السيستاني ، واليوم بات هذا الأمر واضحا عندما اصطفت مرجعية السيستاني مع المشروع الأمريكي على حساب القضية الإلهية ، وانحازت تماما لخيار الدجال الأكبر (أمريكا) ، وواجهت المشروع الإلهي من خلال الاحتجاج عليه ببث الشك في نفوس الناس ، وخاصة أولئك الذين يظنون بتلك المرجعية أنها من يمثل الدين والإسلام ، وربما كان لدى الناس الحق في بداية الأمر ، أما اليوم فالناس بسوادها الأعظم كشفت عن خيارها ؛ إنها اختارت الاصطفاف مع السيستاني ، ومحاربة الإمام المهدي(ص) وقضيته المتمثلة بوصيه ورسوله إلى الناس السيد أحمد الحسن ، وهذا الاصطفاف لابد أن تكون له ثمار ومن ثماره كل هذه المآسي التي حصلت وستحصل ، بل ليتأكد الناس أن عذاب الله سبحانه قد أظلهم ، ويكفي بيانا لهذا العذاب ما يحصل اليوم ، حيث الناس ترى بأم أعينها خيانة المرجعية للإسلام وتواطئها مع الأمريكان ودعم الأمريكان والمرتزقة لقتل الناس بذرائع باطلة وزائفة ، فضلا على أن تلك المرجعية نهدت الطريق لجملة من الساسة العملاء الذين باعوا الأرض والعرض كل في السوق الذي قدم منه ، فمن كان عميلا للجهة الفلانية هو يعرض العراق عليها مقابل ثمن بخس ، والآخر كذلك ، والآخر كذلك ، وهلم جرا ، والعراقيون اليوم تحت سلطة تلك الجهات الممثلة بالأحزاب وما يسمى بمنظمات المجتمع المدني ، ما هي في الحقيقة إلا دكاكين مخابراتية للدول التي قدمت منها ، ولقد وجد أولئك في جهل الناس مساحة عظيمة للعب بكل المقدرات ، واختارت المرجعية أن تسبح في ذات التيار القادم من خلف الحدود لتكون مؤسسة مخابراتية للجهة التي تعمل معها ، وتسوغ لنفسها العمل معها بدواع دينية ـ كما تحاول التبرير لنفسها ذلك الفعل القبيح ـ ولذلك فأقوى لاعبين على الساحة العراقية هما من يعمل تحت (قبعة) العم سام ، ومن يعمل تحت عمامة آلة الشيطان ، وهذان هما قطبا الرحى التي تطحن عظام الفقراء ، بل وعظام كل من لا يرضى أن يسبح في أحد الفضائين ، وتحاول بعض الجهات أن تموه نفسها بإيهام الناس من خلال النزوع إلى ما همشوه سابقا ، بل واستهزؤوا به طويلا ، وطعنوا به بقوة وقسوة عندما حاول صدام ـ على نهج معاوية ـ إعادة الحياة له بعدما أماته زمنا حتى نسيته الناس ذاك هو (صاية المحفوظ) التي راحت تلجأ إليها بعض الجهات السياسية بدعوى أن العشائر العراقية مكون أساس ، بل أصل في الشعب العراقي لا سبيل إلى تجاهله ، ولاشك في أن ورقة العشائر لا يلعب بها الساسة ولا يقاربونها إذا ما وجدوا أن على رأس تلك العشائر رجالا يحترمون انتماءهم وعروبتهم ، واعتقادهم الديني ، ولذلك يلعبون مع ذلك المكون لعبة تبادل المحاور ، حيث يواجهونها أولا بالاستخفاف والتجاهل ، ومن ثم محور تصفية رموزها ، والمحور الثالث دعم الانتهازيين فيها وتلميع صورهم ودفعهم إلى الواجهة ، والمحور الرابع تكليفهم ببعض المهام الاجتماعية ومحاولة تبييض صورهم ، والعمل على محو ماضيهم القذر ، ومن ثم المحور الأخير الدفع بهم إلى قيادة ذلك التجمع المسمى بالعشيرة!!! بدليل أن أفراد عشائرهم لا تعرفهم إلا إذا جعلتهم الحكومات تحت أضواء الصحافة والإعلام ، ولذا فتلك التجمعات المسماة بالعشائر وأولئك الشخوص هم شخوص كارتونية صنعتهم اللعبة السياسية ليكونوا من تفصيلاتها التي تلعب بها متى ما وجدوا إلى ذلك احتياجا ، أما شيوخ العشائر الحقيقيين الذين لا يرضون لأنفسهم المذلة والتمسح بأذيال العملاء وأذناب العملاء تراهم مهمشين ، بل وتحت الإقامة الجبرية ، ولا يسمح لأحدهم بفتح فمه لأن الثمن سيكون باهضا ، فضلا على استعداء انتهازيي عشيرته عليه!!!
إن الشعار الذي تطلقه اليوم قائمة شياطين الأحزاب والقوى المستغلة من أن (المرجعية هي حصن ...) نعم المرجعية حصن لتلك القوى التي تسللت في الظلام ، وجاءت على دبابات الاحتلال لتؤسس لحاكمية تسميها ديمقراطية ، وهي ليست سوى مجموعة من القوى تحالفت على اللعب بالسلطة وكل جهة منها تفكر بلعبة تصفية من يزاحمها من القوى (وكل شيء مشروع في تلك اللعبة) وتتنوع التصفية بين التسقيط والتهميش وصولا إلى القتل ، وميزان أولئك في التخاصم والبقاء هو القوة والخداع وشراء الذمم ، وفي هذا المشروع تكون المرجعية حصن حماية لتلك اللعبة القذرة ، وما استنكرته تلك القوى التي تدعي أنها قدمت لرفع المظلوميات ، وبالفعل هي عاملة على ذلك من خلال تحويل المقابر الجماعية التي كان صدام يجهد نفسه في إخفائها إلى مقابر جماعية كذلك ولكنها على قارعة الطريق ، وصارت بذلك الأرصفة هي القبور ، والمحسوبية التي كانت شائعة في عشيرة صدام وخدمه ، صارت اليوم مساحتها أكبر وأعظم ، وبدلا من أن يكون تهريب النفط حكرا بيد عدي صدام فاليوم صار مشاعا بمافيات الأحزاب والقوى السياسية الحاكمة ، حتى صار الفساد الذي يريدون كلهم مجتمعين على محاربته (طنطلا) يسرق ولا يرونه ، وكأنهم ليسوا هم السراق!!! فمن أين لتلك القوى والأحزاب كل هذه الأموال الطائلة التي تنفقها على شراء الذمم والأصوات بصور متعددة تتفاوت بين الولائم والمساعدات والهدايا ، وهذا ما هو ظاهر منها أما ما خفي فهو أعظم من أن يحيط به قلم أو يصفه واصف .
إذن فمرجعية السيستاني اليوم هي حصن للعبة السياسية الأمريكية ، وهي حصن للمصالح الأمريكية ، وهي حصن لقوات الاحتلال ، وهي حصن لكل القوى والأحزاب العاملة على نهب العراق وتحت يافطات متعددة ، وهي حصن للكذب والزور ، وهي حصن لكل ما من شأنه أن يكون عدوا لله ولملائكته ولكتبه ورسله ، وهي حصن لكل المنافقين والدجالين والمتاجرين بالدين للدنيا ، وهي حصن وملاذ لكل الوالغين بموائد الذل طلبا للشهوات على حساب كرائم الأخلاق!!!
فعلى كل من يريد أن يجد له مكانا على موائد الاحتلال فليهرع إلى مرجعية السيستاني فهي حصن ، وأي حصن لكل أولئك الذين انحازوا لمنطق الذل والدنيا وجيفتها ، وحسنا فعل السيستاني بإعلانه عن ذلك الحصن كي يعرف كل امرئ إلى أين يتجه ؛ أ لحصن السيستاني الذي سيكون مآله كما قال الله تعالى{هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}(الحشر/2) ، أو إلى الكهف الذي قال الله سبحانه فيه{وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً}(الكهف/16) ؟؟؟!!!

About This Blog

About This Blog

  © Blogger template 'Sunshine' by Ourblogtemplates.com | Distributed by Deluxe Templates 2008

Back to TOP