وزارة الصحة وهجرة الاطباء .. الحقائق المخيفة بدأت تظهر





كتابات - د.علي العامري

قرأت بأهتمام مقال د.كمال الشمري المعنون "وزراء الصحة وشبح سمير الشيخلي" متحدثاً حول موضوع اخلاقيات وزراء الصحة والدعوات والشعارات السياسية البراقة التي تشبه شعارات البعث البغيض والتي تدعو الى عودة الأطباء العراقين المهجرين والمغتربين الى العراق الآمن الجديد!!.
أنا متأكد من ان د.كمال تحدث بروح الاصلاح النابعة من احساس حقيقي بمرارة المشكلة خصوصاً مستوى العقلية التي تتحكم بتفكير وزراء الصحة وما وراءهم من مسؤولين، ولكن هنالك امور اخرى يجب اعتبارها وتوضيحها.. أولها كيف يعود هؤلاء الاطباء..؟ وأين سيعملون؟؟ وماذا عن المستوى المؤسسي والاخلاقي والاداري والمهني والعلمي المتردي الذي وصلت اليه الوزارة بسبب صعود فئة نفعية متطفلة وخطيرة للمناصب القيادية فيها واساليب ادارتهم لها بطرق سوقية ومبتذلة وانتهازية حولت هذه المؤسسة الحيوية الى مركز للخراب والتخريب؟. وكيف سيتمكن الاطباء من العمل بأساليب علمية رصينة وتطوير الواقع الصحي في الوقت الذي ينهش الفساد في كل مفاصل الوزارة؟؟
في هذا المقال أود طرح بعض التساؤلات الأساسية والتي في مجملها تتماشى مع الخط العام الذي ذهب اليه د.كمال مع بعض نقاط الاختلاف ذلك اني كنت اقرب من د.كمال الى ساحة الحدث. ولان هذا الموضوع كان يختلج في صدري منذ زمن خصوصاً واني كنت شاهداً على الكثير من الاسرار والقرارات والسياسات التي تعاملت بها وزراة الصحة كممثلة لحكومة العراق مع منتسبيها من كافة الكوادر والمرضى كذلك.. تلك السياسات التي لا استطيع ان أصفها بوصف أقل من انها كانت اجرامية وخالية من الأعتبارات الوطنية والأخلاقية بل وحتى الأنسانية. ورغم انني لازلت احمل في جعبتي العديد من الأسرار التي أطلعت عليها شخصياً او عبر بعض الزملاء والزميلات وساكشفها تباعاً، لكني منذ البداية رفضت فكرة ترك العراق وسعيت مع عدد المخلصين لكشف تلك الجماعات المخربة وملفات الفساد الكبيرة الخاصة بهم، ورفعنا شكاوى مفصلة الى بعض النواب وبعض المسؤولين في الدولة. وأجد من واجبي ان اسجل اختلافي مع الزميل كمال الشمري فيما يتعلق بموقفه من الوزير د.علي الشمري وهو الرجل النزيه المظلوم وكذلك د.علاء العلوان وهو العالم الكفؤ الذي تأملنا فيه كل الخير غير انه اخطأ حين احتضن بطانة فاسدة انشغلت بحرب تنافسية مع بطانة الوزير السابق بقيادة المفتش العام حتى اضاعوا علينا جهد د.علاء العلوان وافقدونا فرصة الاستفادة من خبراته الضخمة.
وهنا اريد ان أبدأ بطرح بعض النقاط والأسئلة ذات الصلة بحال وزارة الصحة كمقدمة لحديث سيطول.
1. لو أجرينا احصائية لعدد الأطباء الذين "هربوا" من البلد أيام حكم الطاغية المقبور ومن ثم "الهاربين" من العصابات الارهابية وممارسات أعضاء المليشات والأحزاب السياسية والمتعاونين معهم في الوزارة لعرفنا حقيقة مخيفة. فاستناداً الى تقرير منظمة "ميد-أكت" (Medact) الخيرية البريطانية المستقلة فان 75% من الاطباء والصيادلة والعاملين بالتمريض تركوا العراق بسبب تهديد حياتهم وبسبب فقدان اسس العمل المؤسسي القائم على احترام نظم العمل وقيمة العاملين في القطاع الطبي والصحي. واضافت ميد-أكت انه يوجد حالياً في العراق 9 الاف طبيب فقط اي بمعدل طبيب لكل 3000 مواطن تقريباً.
2. هل كان التهديد الأمني وحده وراء هروب الاطباء وباقي الكفاءات من البلد..؟ وهل كانت عملية استهداف الاطباء عشوائية افرزتها الحالة التي سميت "بالأحتقان الطائفي" ام انها سياسة منظمة التقى فيها خطان.. خط أرهابي مرتبط بزمر البعث واجهزته الأمنية وايضاً أجهزة المخابرات الأجنبية (امريكية-اسرائيلية وعربية-ايرانية) وخط موازي مماثل بدرجة الأرهاب قادته الجماعات المسلحة على اختلاف طوائفها وقومياتها بالذت التي تحكمت بصورة خطرة جداً في وزارة الصحة متمثلةً بثلاث جهات سياسية تناحرت فيما بينها داخل اروقة الوزارة من أجل حصد المناصب والمكاسب وتصفية الآخر وابعاد الأطباء والأختصاصين او ذوي الكفاءات ممن قد يقف في وجه عمليات السلب والأستفزاز والفساد الذي أستشرى بكل جوانب الوزارة...؟ الجهات الثلاث هذه حسب انتماء وزرائها هي على التوالي منتسبي حزب الدعوة (من اتباع الجعفري) ومنتسبي جبهة الوفاق الوطني (من اتباع علاوي) ومن ثم منتسبي التيار الصدري (من اتباع مقتدى) وهؤلاء كانوا الأسوأ.
3. هل يستطيع احد من وزارء الصحة السابقين او وزيرها الحالي (د.ايفاد كما يلقب بيننا حالياً) أو وكلاء الوزارة أو المدراء العامين أن يكشفوا عن مداخيلهم وحساباتهم المصرفية واملاكهم قبل وصولهم الى تلك المناصب وبعد خروجهم منها خصوصاً الأموال المهربة والأملاك في الخارج وكذلك اعداد وتواريخ ايفاداتهم (التي لا تعد ولا تحصى) بما فيها رحلات الحج "المبرور" وأخص بالذكر هنا المدراء العامين للشركة العامة للأدوية ودائرة الوقاية ودائرة المفتش العام (تلك الدائرة التي اصبحت المنظمة الحزبية البديلة لمنظمات حزب البعث بكل جوانب الفساد والأستفزاز الأمني للأطباء والمنتسبين "المعارضين".. حتى تردد بين الكثيرين تسميتها "منظمة حزب الدعوة العربي الاشتراكي"). ومن هؤلاء استثني عدد قليل جدا من المسؤولين وأولهم الوزير الدكتور علي الشمري الذي رأيت بأم عيني عمله الجاد من اجل مكافحة الفساد الامر الذي جعله موضع تهديد لأنه وقف بوجه الشخصيات الخطرة بالوزارة امثال: جليل الشمري وحاكم الزاملي (نائب ضابط سابق بالامن.!!) والمفتش العام الابدي عادل محسن ومدير أمن الوزارة (اليد الضاربة) ومحمد شعيب (الضابط السابق الفاسد والمدير الحالي لشركة الادوية) وجاسب صاحب الشهادة المزورة ومدير عام دائرة العمليات، تلك الدائرة الوهمية التي اصطُنعت لجمع كثير من العناصر المفسدة والخطرة من منتسبي الجيش السابق. (ارجو العودة الى رد الدكتور علي الشمري الوارد في مقاله على موقع صوت العراق بتاريخ 10-1-2008 للاطلاع على مزيد من التفاصيل).
4. هل يمكن لهيئة النزاهة أن تكشف عن حجم وعدد العقود الفاسدة بصورة حقيقية وذكر اعداد واسماء المتورطين في حالات الفساد الأداري ونسب العمولات والمصادر التي تعاقدت مع وزارة الصحة عبر أشخاص تربطهم علاقات قرابة أو نسابة أو صداقة أو علاقات حزبية أو مصالح مشبوهة مع اسماء اساسية في الوزارة بل وجهات سياسية معروفة.؟ وهذا مثال منقول عن صوت العراق في 12-3-2008 حيث ورد ما نصه: ((أكد موسى فرج نائب رئيس هيئة النزاهة اكتشاف عبوات من عقار الألبومين الملوث بفيروس الأيدز في محافظة بابل، مؤكدا الأنباء التي أشارت إلى اغتيال الصيدلي الذي قام بالإبلاغ عن الموضوع السنة الماضية. وقال فرج في حديث لـ "راديو سوا" إن نتائج الفحوصات الرسمية التي قامت بها الوزارة تثبت تلوث هذا العقار بالفيروس. وأضاف أنه يتحدى مسؤولي الوزارة بإظهار نتائج الفحوصات التي أجراها المختبر الوطني للأدوية. وأشار فرج رئيس هيئة النزاهة بالوكالة سابقا إلى أن وزارة الصحة تضم أضخم ملفات الفساد وأخطرها على الإطلاق، مشيرا إلى أن ظاهرة تسريب الأدوية المسروقة من مخازن الوزارة إلى باعة الأرصفة تجري تحت أنظار المسؤولين فيها، وعلى رأسهم المفتش العام للوزارة، على حد قوله: وأضاف فرج أن وزارة الصحة تعتمد بنسبة 70 بالمئة في سد احتياجاتها من الأدوية على القطاع الخاص الذي غالبا ما يستورد هذه الأدوية من مناشىء رخيصة، حيث تفتقر الأدوية إلى الفحص المخبري، الذي اعتادت الوزارة على إجرائه سابقا. وكان "راديو سوا" قد كشف نهاية العام الماضي نقلا عن أحد أعضاء مجلس محافظة بابل تلوث عقار الألبومين بفايروس الأيدز، في الوقت الذي قامت فيه وزارة الصحة بسحب العقار من الأسواق، ثم عادت ونفت وجود أي تلوث يذكر..))
5. هل يمكن لوزارة الصحة أن تكشف عن أعداد واسماء ومؤهلات منتسبيها وبصورة دقيقة الذين تم تعينهم بعد سقوط النظام في دوائر الوزراة بالذات الذين كانوا الذراع المسلح لتنفيذ مآرب المسؤولين وتهديد من يقف بوجههم وكانوا وراء قتل وتهديد وتشريد عدد كبير من الأطباء والمنتسبين سواء داخل مقر الوزارة او في دوائرها العامة خصوصاً مدينة االطب وصحة بغداد الكرخ والرصافة (اوردت الاخبار ان عدد المغدورين اكثر من 400 منتسب). أقول لكم انظروا مؤهلات المعينين الجدد وشهاداتهم المزورة وكيف حولوا الوزارة الى معسكر أمني ومرتع لمدمني الادوية المخدرة لتعرفوا من اين أتوا وما هو دورهم.
6. هل يمكن ان تكشف الوزارة اسرار وملابسات اختفاء وكيل وزير الصحة عمار الصفار الذي تربطه بالمفتش العام علاقة حزبية وشخصية..؟ من كان السبب وراء ذلك الأختفاء.؟ ولماذا لم يحضر المفتش العام جلسة المحاكمة بصفته احد الشهود الأساسين في محاكمة المتهمين بأختفاء عمار الصفار وعلى راسهم حاكم الزاملي!؟ وهل يستطيع المفتش العام ان يخرج على الأعلام بسبحته ولحيته المزيفة ليقسم لنا على اقواله ويفند ما تردد من اخبار عن وجود صفقة سياسية تنظم عدم كشف المستور ما بين التيارين المتناحرين في الوزارة بشقيه الدعوي والصدري، مقابل سكوت كل طرف على تجاوزات وقضايا فساد الطرف الاخر.؟
7. هل سيتم الكشف عن اسماء الأشخاص المسؤولين عن التدهور الخطير في مستوى الخدمات الصحية بسبب السياسات الاقصائية التي ازاحت ذوي الخبرة من مناصبهم واستبدالهم بوجوه مطيعة ومتعطشة لنيل المكاسب المالية والمناصب خصوصا عديمي الخبرة والاختصاص من بعض منتسبي الجيش العراقي السابق (راجعوا مؤهلات الوكلاء والمدراء العامين وماهية اختصاصاتهم وخبراتهم وتأريخهم المهني)..؟
8. هل تستطيع وزارة الصحة ممثلة بأي من مسئوليها أن تقر بعدد الاخطاء الشنيعة وحالات الظلم والتشهير واستخدام اسلوب البعث البغيض في تسقيط الاطباء والصيادلة النزيهين وتشويه سمعتهم وتهديد حياتهم من الذين عارضوا سياسات الوزارة الجديدة تحت قيادة اعضاء المليشيات.؟؟ وهل يمكن ان يجيبونا: من الذي سيرد اعتبار وحقوق الاطباء وعوائلهم من الذين قتلوا او هجروا او تم تهديدهم او اقصائهم ولاسباب واهية وكاذبة وادعاءات مختلقة.؟ ومن سيتحمل مسؤولية تفريغ كلية طب بغداد ومدينة الطب بالتحديد من خيرة الاختصاصيين العراقيين ومن مشاهير الاساتذة في الوقت الذي كان مديرها العام منشغلاً بتعيين الموالين له.. بعد ان صنع صومعة خاصة به لم يكن يلتقي بالاختصاصيين والخبراء ولا يسمع لمقترحاتهم وشكاويهم.؟
أعزائي... هناك المئات من منتسبي وزارة الصحة ممن يمكن أن يؤكدوا المعلومات القليلة التي اوردتها في هذا المقال بل وسيرونها بسيطة وعمومية وأنا على يقين أن هناك الكثير مما يجب على الجميع كشفه وفضح المسؤولين عنه مع توجيه أكبر الحرص بنفس الوقت على اظهار بطولة النجباء والشرفاء الذين بقوا مخلصين في مواقع عملهم متحملين بصبر الضغوط النفسية والتهديدات والتحديات الضخمة طيلة تلك المرحلة العصيبة من تاريخ العراق. أنا ادعوا جميع الاطباء وباقي ملاكات الوزارة للوقوف امام الحالة الخطيرة التي وصلت اليها وزارة الصحة والى توحيد كل الاصوات من اجل الضغط على الحكومة لاتخاذ اجراءات جادة وحقيقية للنهوض بواقع الوزارة وتنظيفها من "العصابجية" واعادة الاعتبار لها وللاطباء والى كل المنتسبين والعاملين في القطاع الصحي. وللحديث بقية..

عن "تجمع النزاهة المستقل"

alameri1974@yahoo.com

About This Blog

About This Blog

  © Blogger template 'Sunshine' by Ourblogtemplates.com | Distributed by Deluxe Templates 2008

Back to TOP